المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص من الماضي - قارئة الكف


jerjesyousif
06-06-2022, 11:51 PM
قصص من الماضي - قارئة الكف

قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسما منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.

هذه واحدة من تلك القصص:

قصص من الماضي
يكتبها جرجيس يوسف 2009

تدريس الدين


انهيت الدراسة الاعدادية / الفرع العلمي عام 1958 واستلمنا النتائج في مطلع تموز 58 وكنت ناجحا , فبدات بعد اعلان ثورة 14 تموز المجيدة بالتفتيش عن وظيفة كخريج الاعدادية ثم اصدرت وزارة الدفاع اسماء الخريجين من الذين لم يقبلوا في الكليات للاستمرار في الدراسة لكي يؤدوا خدمة العلم في كلية الضباط الاحتياط , فوجدت اسمي مدرجا في الوجبة الثانية التي تبدأ في 15/4/1959 وليس الوجبة الاولى التي تبدا في 1/10/58 فقدمت للتعيين كمعلم في مدارس بغداد ( التي فيها شواغر كثيرة جدا آنذاك) فعينت هناك كمعلم في مدرسة المهدي في الدورة ببغداد لحين بدء دورة الضباط الاحتياط . باشرت واستقبلني المدير وقال : اي المواد تريد تدريسها ؟ فقلت: انا "جيد " باللغتين العربية والانكليزية . فقال : جئت بوقتك فنحن نعاني النقص فيهما بالذات , فانت تدرس الخامس والسادس انكليزي وعربي بالاضافة الى العربي الثالث والرابع , وعليك ان تختار مادة اخرى , وسالني هل تحفظ القرآن فقلت لا , ولكنني اعرف ما قراته ضمن الدراسة (ظنا مني ان المدير يريد معلمين مسلمين , او متدينين) فقلت مثلا : بسم الله الرحمن الرحيم وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا ف,,,,, فقال :كفى . هذا هو المطلوب , ستدرس الدين!!! فقلت : ولكنني مسيحي !!! فقال : هذا لا يهم , المهم انني اراك مناسبا لذلك . فقبلت ودرّست فعلا العربي والانليري والدين وبجدارة . وفي آذار قررت المدرسة تنطيم سفرة مدرسية للصفوف الثلاثة 4, 5 , 6 الى طاق كسرى (سلمان باك) وانا مرشد السفرة فاخذت الطلاب بباصين من باصات المصلحة الى طاق كسرى , والطلاب يغنون ويرقصون في الباص وفي سلمان باك حتى العصر حيث حضر الباصان وعدنا وكانت سفرة حلوة . وقصتي مع هذه السفرة هي : اثناء تجمع الجميع لتناول الغداء المشترك , حيث فتح كل واحد الاكل الذي جلبه في وسط الدائرة التي جلس حولها الجميع لياكل كل واحد من الاكل الذي يعجبه , وليس بالضرورة ما جلبه هو , وكان هناك رعاة غنم حولنا "يتفرجون " فجاءت راعية غنم بعمر الاربعينات الي وقالت : انت شاب رائع , دعني اقرا لك الكف . فقلت : اولا ليس بامكاني ان اعطيك اي فلس , وثانيا انا لا اؤمن بالكف والفنجان والفال . فقالت: انا لا اريد فلوسا انما من خلال مراقبتي لهؤلاء التلاميذ الرائعين اردت ان "اكافئك لاقول لك ما يضمه لك المستقبل , ولك ان تصدق او لا!!!هات كفك . فنظرت الى كفي مدة دقائق وقالت: ستكون حياتك القادمة احسن بكثير من الماضية , ستمتلك سيارات وليس واحدة فقط , ستسافر كثيرا خارج العراق وداخل العراق , سيكون لك بيت كبير , ستتزوج ويكون لديك اولاد .... فشكرتها وقلت لها : الم اقل لك انا لا اؤمن بالكف !!! تقولين ستمتلك سيارات وبيت , وانا لا احلم حتى باطار دراجة!!! فقالت : اذكرني بالخير كلما يتحقق واحد مما قلته.
فها انني اذكرها بالف خير حيث تحقق والحمد لله كلما قالته راعية الغنم .

المهندس جرجيس يوسف الساعور 2009