المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص من الماضي - تناغم الافكار


jerjesyousif
07-10-2022, 04:39 PM
قصص من الماضي - تناغم الافكار
قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسم منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص:

تناغم الافكار

قد تحدث بين افراد العائلة او بين الاصدقاء حالات لا نجد لها تفسيرا من استدراك حدث معين او شخص معين في وقت واحد بدون مقدمات ، فقد يقطع احدهم الصمت ليسال: ما اخبار فلان في هولندا؟ او ماذا عمل فلان من اكمال شراء البيت؟ ليجيب الاخر: هل قرات افكاري؟!! فانا كنت افكر الان بنفس الموضوع!!! وقد تحدث مع اي واحد منا اشياء عجيبة غريبة كأن تكون أنت في جولة في السوق او تتمشى وفجأة ياتيك ايعاز بان تعود الى البيت بسرعة لترى بان حضورك الى البيت فجأة كان امرا مطلوبا جدا . اثناء عملي في وزارة الزراعة لاكثر من 25 سنة كنت دائم التجوال في جميع انحاء العراق ، وفي بعض السنين كنت اقود السيارة بنفسي ، وسنين اخرى كان لدي سائق سيارة ، وأحد السواق الذي عمل معي فترة طويلة كان ابو فارس ، من اهل الصويرة وسكنه بغداد ، وكان ابو فارس يقود السيارة دائما بسرعة 80 كلم/ساعة حسب ايعازي له بان لا يتعداها "لضمان سلامتنا"، الا انه عند العودة الى بغداد وعند الاقتراب منها (المحمودية، الفلوجة ، التاجي ، الخالص ، الصويرة) فكان يزيد السرعة الى فوق المائة فكنت اقول له في كل مرة : قلل السرعة الى الثمانين . وبعد تكرار المسالة مرات كثيرة سالته: ابو فارس لماذا تزيد السرعة عند اقترابنا من بغداد كل مرة؟ الا تعرف بانني لا اوافق على ذلك؟ فقال: اننا نقترب من البيت وانا متلهف بشدة لرؤية الاولاد وامهم!! فقلت: ليش اللاسلكي مالك خربان؟ قال : اي لاسلكي؟ فقلت: الا يخبرك عقلك الباطني في كل لحظة تفكر بهم كيف حال اي منهم؟ وما اذا كان اي منهم مريض او بحاجة الى مساعدة من اي نوع؟!! فقال: وهل انت تمتلك "هذا اللاسلكي"؟ قلت: يوجد لدي ولديك وعند كل شخص اذا اعتمد تلك "الوسيلة" الممتازة للاتصال . فقال: اذن اسمح لي بان اقص عليك قصة حدثت معي قبل سنوات , ولم اخبر احدا بها لكي لا اتهم بالجنون!!! قال:
قبل 4-5 سنوات (اي بداية السبعينات) اخذت 4 موظفين من الوزارة الى كركوك بمهمة تستغرق 3-4 ايام ، وعند نهاية الدوام اعطوني اجرة الفندق بعد ان اوصلتهم الى فندقهم من الدرجة الاعلى وقالوا : تعال غدا الساعة الثامنة صباحا . ذهبت الى الفندق الذي يناسب مبلغ مخصصاتي وارتاحيت قليلا ثم نزلت وتغديت وشربت الشاي ، ولكن فكري مشتت بغير العادة وكأن احدا يامرني بان افعل شيئا ، فعدت الى الفندق واخذت حقيبتي واعتذرت لصاحب الفندق وملأت السيارة بالبنزين واتجهت الى بغداد لاصل البيت الساعة الثامنة والربع لاجد الاولاد حول المدفاة ويشاهدون التلفزيون وبعد ان قبّلتهم قلت : وين ماما؟ فقالوا: بالحمام، قلت متى دخلت الحمام؟ فقالوا: "من الكارتون (الساعة ستة وربع)" فذهبت مسرعا الى الحمام وناديت: ام فارس؟ عدة مرات بدون جواب ففتحت الباب لاراها مغمى عليها!! فجلبت غطاء لها واخذتها الى الفراش وساعدتها لتفوق من اغمائها، وكان اول ما قالته: آني وين؟ وانت شجابك من كركوك؟ قلت: جئت لانقذك ، فالله سبحانه وتعالى امرني بان اتي الى هنا ، فنتعشى سوية " وآخذلي غفوة" واعود الى كركوك لكي اكون هناك الثامنة صباحا, وهكذا كان . ولكنني لم اخبر الموظفين بانني ذهبت الى بغداد وعدت . فقلت لابي فارس: اذن من الان فصاعدا سوف لن تسرع ابدا سواء كنت قريبا او بعيدا عن بغداد الا اذا "امرك اللاسلكي" بانك مطلوب حالا!!!

المهندس جرجيس يوسف الساعور/ كندا / 2010