المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصص من الماضي - الحدود الدولية


jerjesyousif
08-11-2022, 12:42 AM
قصص من الماضي - الحدود الدولية

قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسم منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص:

قصص من الماضي - الحدود الدولية

في اواخر عام 1979 كنت احد اعضاء وفد فني الى هولندا وفرنسا وكنا نتجول مع الفنيين الهولنديين في هولندا والفرنسيين في فرنسا وكنا نقوم بزيارات الى محطات الابقار وبساتين مختلفة ومحاجر زراعية وكان الاوروبيون حريصين على تلبية رغباتنا لزيارة اي موقع نقترحه , ويوما ما كنا في اقصى شرق فرنسا عندما طلبنا من الفرنسيين ان نطلع على البيوت الزجاجية ومكاتب هندسية لتصميم المنشآت الزراعية اثناء تناولنا الغداء في احد المطاعم الفرنسية .

بعد الغداء استقلينا السيارتين (رينو 16) وسرنا مدة ربع او نصف ساعة فدخلنا مدينة صغيرة فلاحظت بان الساعات الكبيرة المعلقة في الشوارع على الطرف الايمن تسبق ساعة واحدة عن مثيلاتها في الطرف الايسر , فقادني فضولي الى السؤال من المهندس الفرنسي الذي يقود السيارة عن سبب "عطل" الساعات في الجانب الايسر من الشارع؟ فقال: ليست عاطلة انما الجهة اليمنى هي سويسرا واليسرى فرنسا , ويختلف التوقيت ساعة بين فرنسا وسويسرا!!! واصلنا السير الى اليمين وانتهت المدينة واجتزنا الاخرى لنصل جنيف السويسرية ونحن العراقيين ليس لدينا "فيزا" لسويسرا! ووصلنا مزرعة فيها اشجار فواكه وبيوت زجاجية , اوقفنا السيارتين في موقف السيارات امام المدخل وقرعنا الجرس , بعد اقل من دقيقة جاءنا كلب ضخم من نوع جرمن شبرد , شمّنا واحدا واحدا وسار امامنا باتجاه المدخل ففتح احد الفرنسيين البوابة وسرنا خلف الكلب حتى مبنى الادارة "وارانا" الكلب باب الدخول وذهب . فتحنا الباب ودخلنا وجلسنا حول مائدة ذات اكثر من عشرة كراسي لننتظر صاحب المزرعة . انا "فضولي" بطبعي , فنهضت من الكرسي وبدات افتح الدواليب المعلقة على احد الجدران وفتحت احدها الذي فيه قناني الخمر والكؤوس , واخذت احدى القناني وفتحتها وشممت رائحة الخمر ثم الثانية حتى جاء "صاحب المزرعة" فقال لي (بعد ان سلم علينا واحدا واحدا) لو عرفتَ من اي فاكهة مصنوع هذا الخمر فساعطيك قنينة منه , فقلت: هذا من التفاح والثاني من التين , فضم يديه على راسه قائلا: يا الهي لقد عرفت بالضبط وانا خسرت لك قنينتين!! فضحكنا وابتدانا بالعمل: شرح عن تاريخ المزرعة وانتاجها السنوي و"عدد العاملين" فيها , الذين كانوا افراد عائلته الاربعة!!! وعملنا جولة فيها , ثم اخذنا الى مكتب تصاميم البيوت الزجاجية , وودعناه بعد ان شكرناه لنعود الى باريس . في اليوم التالي وبعد الاستمرار في العمل والزيارات الميدانية ذهبنا الى العشاء حيث وصلنا الى مطعم يشبه بيتا ريفيا قديما وقال احد الفرنسيين: ان هذا المطعم يقدم فقط الحيوانات البرية المصادة صيدا , ان كانت اسماك او طيور او ارانب او غزلان . وبعد ان انتهينا اخرج الفرنسي دفتر الشيكات لدفع الحساب . لدى العودة سالته لماذا دفعت "بالشيك" هل ان مبلغ العشاء كان كبيرا جدا؟ قال: لا لكننا في بلجيكا ولا يوجد لدي نقود بلجيكية . اخذني خيالي الى العراق وتصورت نفسي آنذاك , واتصور ذلك دائما , بان اركب سيارتي واذهب الى تركيا لاتغدى هناك "التكة" التركية وأعود, واعود لاذهب بعد يومين الى الاردن لاجلب للفطور "مناقيش زعتر حارة " وياتي صديقي السوري الى بغداد "ليفطر باجة حاتي", وياتي السعوديون الى شارع ابي نؤاس مساء ليتلذذوا بالمسكوف العراقي , ويذهب جاري الى طهران لجلب سجادتين تبريز وكاشان من ايران لبيتهم الجديد طالما اننا لا نحتاج الى فيزا او حتى لا نعرف متى عبرنا الحدود!!! كما فعل معنا الفرنسيون والهولنديون قبل 30 عاما.
المهندس جرجيس يوسف / كندا/ 2010