مسيحيو نينوى: لن تُقرع أجراس كنائسنا لأول مرة منذ 1700عام
القدس العربي/
بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مناطق واسعة من محافظة نينوى شمالي العراق ومن ضمنها مناطق تجمع المسيحيين غادر سكانها المسيحيون تلك المناطق خشية تكرار سيناريو الموصل معهم، حينما خيرهم تنظيم داعش بين الإسلام أو التهجير أو القتال.
المسيحيون في نينوى كانوا يتجمعون في منطقة تدعى سهل نينوى والتي سيطر عليها تنظيم داعش بالكامل، وهي منطقة جغرافية كبيرة من نينوى تقع شمال وغرب مدينة الموصل وفيها ثلاثة أقضية هي الحمدانية وتلكيف والشيخان. وتنتشر في تلك الأقضية الكثير من الكنائس المسيحية حيث وكعادة المسيحيين كانت تُقام في كل أسبوع «قداس الأحد».
إلا أن تلك المناطق وبعد هجرة سكانها قبل أيام قليلة لم تُقرع فيها امس الأحد أجراس الكنائس حيث بدت تلك البلدات خالية من سكانها إلا بقلة من العرب السنة الذين كانوا يقطنونها فقد تركها المسيحيون والإيزيديون والأكراد بعد سيطرة تنظيم داعش .
تقول مارلين والتي نزحت مع أهلها إلى مدينة اربيل شمالي العراق إنها كانت تسكن الموصل قبل أن تنتقل إلى قضاء الحمدانية – قه راقوش – بعد تهديدات من قبل «متشددين» في عام 2006 ، وتقول مارلين والتي تبلغ الثلاثين من عمرها لـ «القدس العربي» كنا نسكن في حي قديم يعج بالمسيحيين في الموصل وكان يدعى خزرج وفيه كنيسة قديمة إلا أننا انتقلنا إلى سهل نينوى بعد تهديدات لنا في عام 2006» ، وتضيف «وبعد أقل من عشر سنوات ها نحن نترك بلدتنا الثانية حيث تركنا هناك كنائسنا وبيوتنا وذهبنا إلى اربيل».
في اربيل شمالي العراق وفي منطقة «عينكاوه» شمال غرب اربيل ذي الغالبية المسيحية توجه أكثر من 40 ألف مسيحي إليها حسب إحصائيات رسمية، حيث سكن العديد منهم في الكنائس المنتشرة في المنطقة فيما لم يجد الكثير منهم سوى الأرصفة والشوارع كمأوى لهم، تسكن مارلين مع عائلتها في كنيسة كبيرة هناك ومعها أكثر من 50 عائلة غادرت مناطقها في سهل نينوى، ذكرت أنها تشعر بغصة اليوم الأحد لأن هناك بقعة كبيرة في أرضهم الأصلية لن تُقرع فيها أجراس الكنائس .
وأثناء حديثنا مع مارلين أعطتني والدها والذي يُدعى «متي» ، كان صوته ضعيفا وبعيدا من الحزن، وكذلك من الأصوات التي تعج من حوله بسبب الزحام في الكنيسة جراء وجود اكتظاظ سكاني فيها .
يقول متي «الكثير من كنائسنا في قراقوش هي كنائس قديمة بعضها يعود إلى نحو 1700 عام في نينوى، حيث نعتبر نحن المسيحيين السكان الأصليين في هذه المدينة»، مشيرا إلى أن جميع مسيحيي نينوى سيؤدون صلاتهم وقداسهم في كنائس سيدخلونها أول مرة، لأنهم لن يستطيعوا دخول كنائسهم التي تقع في مناطق سكناهم الأصلية .
ويؤكد «سأشعر بشيء غريب اليوم لأنني لن أشم رائحة العراقة التي كنت أشمها في كنائس الحمدانية العتيقة فالمباني الحديثة للكنائس التي تتواجد في عينكاوه لن تجعلني أعيش الأجواء السابقة التي كنت أعيشها في الحمدانية».
ويؤكد الكثير من المؤرخين أن هناك كنائس في نينوى يعود تاريخها إلى عصور قديمة جدا حيث تعتبر كنيسة مار توما الرسول للسريان الأرثوذكس التي تنسب إلى مار توما أقدم كنيسة في نينوى إذ يرجع المؤرخون تاريخ إنشائها إلى القرن السادس الميلادي .
ومن الجدير بالذكر أن تنظيم داعش قد نشر مقطع فيديو يظهر سيطرة مسلحيه على المباني الحكومية في الحمدانية وتلكيف وبعشيقة والكثير من المناطق التي كان يقطنها المسيحيون، فيما انتشرت العديد من الصور التي يظهر فيها مسلحو التنظيم وهم يرفعون رايتهم على الكنائس .