قصص من الماضي - عربة تسير بدون حصن

[jerjesyousif]

قصص من الماضي - عربانا دلا قنياني

قبل اكثر من عشر سنوات كتبت في مواقعنا الالكترونية سلسلة من "قصص من الماضي" ويعجبني ان اعيد نشر قسما منها، ففي قراءتها متعة وابتسامة.
هذه واحدة من تلك القصص:

عربانا دلا قنياني - عربة بدون حصن

(رحم الله من رحلوا عنا واطال الله بعمر من بقوا ممن ياتي ذكرهم)

كان جدي هرمز الملقب هرميزي وبعده ابي وعمي يقصون لنا قصة كان بطلها سليمان زورا ال قطا , وذلك جوابا لكل تساؤل من قبيل : من اخترع الطائرة , او من هو الاول الذي رأى وركب القطار , ومن الذي اقتنى اول ساعة في كرملش , ومن الذي زرع اشجار المشمش قبل حنا ايشو , ومن الذي زرع اشجار الفستق في المكتب, وغير ذلك من الاسئلة المحيرة التي تؤرقني كل ليلة!!

القصة تقول بان سليمان زورا وهو بعمر 12-15 سنة وفي عام 1919 او 1917 كان يعمل عملا زراعيا ما في "عقار طريق بازكرتان" وفجاة راى عربة تسير في الطريق بين برطلة وشاقلي ولم يكن امامها اي حيوانات!!! لا حصن ولا حمير ولا ثيران!!! وتسير بسرعة الحصان الراكض!!! فَََرك عينيه وغمّضهما مرات , ورسم الصليب عشر مرات ولكنه لم يجد حصانا او بغلا او حمارا يجر العربة!!! فدفعه الفضول او الخوف او الفرح ليترك عمله ويعود راكضا الى القرية ليخبر الناس بما شاهده, ويعلم كل من يلقاه بما راىّّ!!!

وبامكان اي واحد منا الان ممن يعرف فضول و"تصنيف" الكرمشايي ان يتصور كيف انتشر الخبر انتشار النار في الهشيم , واصبح الجميع يقولون : لقد جن المسكين سليمان زورا اذ يعتقد بانه راى "عربانة كرخشا دلا قنياني"(عربة تسير بدون حصن), ولكن الامر لم يدم طويلا حيث اخذ الفضوليون بدافع فضولهم بصعود تل الغنم وتل بربارة لاثبات "جنون المسكين" ولكنهم اثبتوا صحة كلامه!!! حيث مرت بعد ايام قليلة سيارات اخرى واخرى تابعة للجيش البريطاني للاشتراك بالحرب العالمية الاولى!! في طريقها بين البحر المتوسط والهند!!! وهكذا اعتاد الناس على "رؤية السيارة" لاول مرة.

وتذكرني هذه القصة دائما بما حدث لي وانا اشاهد اول هبوط الانسان على القمر عبر شاشة التلفزيون ونحن نشرب الشاي حيث كانت عمتي وصاحبتها الاميات وبعمر السبعينات يتهامسن وتقول احداهن للاخرى: انظري اليهم (المقصودون نحن) انهم يصدقون بان هناك من وصل الى القمر ويعتقدون بأن القمر شيئ موجود!!!!

تحية خالصة لصديقي العزيز جميل سليمان قطا ابو صفاء ونوال قطا وجميع آل قطا الاعزاء.

جرجيس يوسف الساعور/كندا/ 2010