المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موعظة غبطة البطريرك يونان خلال قداس عيد مار بهنام وسارة في دير مار بهنام وسارة – ناحية نمرود – قره قوش


jerjesyousif
12-15-2019, 10:47 PM
النص الكامل لموعظة غبطة البطريرك يونان خلال قداس عيد مار بهنام وسارة في دير مار بهنام وسارة – ناحية نمرود – قره قوش، العراق



https://www.ishtartv.com/public/ar/articles_images/articles_image120191213072615Oj42.jpg



عشتار تيفي كوم – بطريركية السريان الكاثوليك/ 10-12-2019




يطيب لنا أن ننشر فيها يلي النص الكامل للموعظة التي ارتجلها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، خلال القداس الإلهي الذي احتفل به غبطته بمناسبة عيد مار بهنام وأخته سارة، في دير مار بهنام وسارة – ناحية نمرود – قره قوش (بغديده)، العراق، صباح يوم الثلاثاء 10 كانون الأول 2019:

«ܕܳܡܶܝܢ ܣܳܗܕ̈ܶܐ ܠܺܐܝܠܳܢ̈ܶܐ ܕܰܢܨܺܝܒܺܝܢ ܥܰܠ ܡܰܒܽܘ̈ܥܶܐ܆ ܐܺܝܠܳܢ̈ܶܐ ܝܳܗܒܺܝܢ ܦܺܐܪ̈ܶܐ ܘܣܳܗܕ̈ܶܐ ܡܰܪܕܶܝܢ ܥܽܘܕܪ̈ܳܢܶܐ»

"يشبه الشهداءُ الأشجارَ التي نُصِبت على الينابيع، الأشجار تعطي الثمار والشهداء يمنحون المعونات".

"إخوتي أصحاب السيادة والنيافة الجزيلي الاحترام:

راعي هذه الأبرشية المباركة مار يوحنّا بطرس والذي اسمه خضر واليوم عيده،

ومار أفرام يوسف رئيس أساقفة بغداد،

ومار غريغوريوس صليبا رئيس أساقفة الموصل سابقاً والمستشار البطريركي للسريان الأرثوذكس،

المونسينيور العزيز Ervin القائم بالأعمال وسكرتير السفارة البابوية والذي جاء خصّيصاً من بغداد ليكون معنا اليوم ممثّلاً قداسة البابا فرنسيس بيننا.

الأبناء الأفاضل الخوارنة الكهنة الشمامسة والرهبان والراهبات،

أعضاء الجوق من شبّان وشابّات،

المسؤولين المدنيين والعسكريين، ولا سيّما الذين يؤمّنون الحماية لكم في هذا العيد المبارك،

أيّها المؤمنون الأحبّاء المبارَكون بالرب يسوع،

نعم أيّها المبارَكون،

إنّه ليوم فرح واعتزاز وشكر لأنّنا نأتي ونعيّد عيد هذين الشهيدين والبطلين البارَّين اللذين نعتزّ ونفتخر بهما، وسنبقى ننشد مجدهما إلى الأبد، إن كان عددنا قليلاً أو كثيراً، ومهما كان حضورنا هنا كبيراً أو منقوصاً بسبب الظروف. فنحن نعتزّ بشفيعَي هذا الدير المبارك، ونهنّئ الراهبين الأفراميين الأب يعقوب حسّو والأخ أفرام سوني لبقائهما في هذا الدير كي يجعلا منه محطّةً للصلاة والتأمّل والتفكير بدعوتنا المسيحية، في هذا الزمن الأليم الذي يمتحننا به الرب الذي تفوق حكمته كلّ حكمة وقدرة على الأرض.
نحن أيّها الأحبّاء المبارَكون نودّ أن نذكّركم بأنّنا أبناء وبنات هؤلاء الآباء والأجداد الذين قاسوا الكثير من أجل الرب يسوع، على مثال هذين الشهيدين اللذين قرّبا ذاتهما منذ القرن الرابع للرب يسوع، بعد أن اعتمدا على يد القديس متّى الناسك.

نحن سنظلّ نعلن إنجيل المحبّة والفرح والسلام، إنجيل الإعتراف بالآخر والمطالبة بأن يعترف الآخر بحقوقنا الإنسانية والدينية، إنجيل البناء وليس الهدم، إنجيل الرأفة وليس الكراهية، إنجيل المحبّة وليس البغض والتمييز بين مؤمن ومؤمن وبين من ينتمي إلينا ومن يختلف عنّا. ولكن ليس من سبب كي يكون هناك اختلافٌ بيننا، لأنّنا أبناء وبنات بلد واحد، العراق الحبيب الذي لا يزال يتألّم ويعاني.

لذلك أتينا اليوم إلى هذا الدير المبارك العامر كي نصلّي ونقدّم هذه الذبيحة الإلهية، ضارعين إلى الرب يسوع، بشفاعة هذين الشهيدين، حتّى يرأف بنا الله ويرأف بهذا البلد المنكوب منذ قرابة ثلاثة عقود. للأسف مع أنّ هذا البلد، بلاد الرافدين الحضارية، حمل إلى العالم كلّه الحضارة والقانون، وكذلك الاعتزاز بالذين سبقونا من شخصيات ذكرها الكتاب المقدس.

يذكّرنا رسول الأمم مار بولس في رسالته بأنّ الله يمجّد الذين برّرهم، فبهنام وأخته سارة برّرهما الله، ومنحهما شرف الاستشهاد كي يمجّدهما في السماء. نعم، هذا هو اعتزازنا بهذين الشهيدين بعد أكثر من ١٧٠٠ سنة، نحن نعترف بأنّ الشهيد يمجّده الله على فضائله وبطولته حتّى الاستشهاد في سبيل الإنجيل، إنجيل المحبّة والفرح والسلام.

كما استمعنا إلى الإنجيلي لوقا في الإنجيل المقدس يؤكّد أنّ الله يهتمّ بخلائقه، وهذا الدير جُعِل لكي يكون أيضاً منارةً للخير ومَعيناً للبركات، وسيستمرّ، بإذن الله وبشفاعة هذين القديسين بهنام وسارة، سيستمرّ بالإزدهار، مشرّعاً أبوابه أمام جميع قاصديه من مصلّين وزائرين، كي يدركوا ويتعلّموا أنّ الإنسان جُعِل للخير ولنشر السلام والدفاع عن حقوق الآخرين، وكي يؤمّن وينشر الأخوّة الحقيقية بين جميع الذين يسكنون في هذه المنطقة العزيزة، بل في بلاد الرافدين بأسرها، لا سيّما في سهل نينوى الغالي.

نسأل الرب الذي قال إنه هو بذاته يؤمّن الغذاء للعصافير ولطيور السماء، أن ينظر إلينا نحن الموجودين هنا في هذا الدير المقدس، وإلى ذوينا وأهلنا وأقاربنا في بلاد المهجر، ونصلّي من أجلهم ونذكّرهم أنّنا هنا باقون كي يبقوا هم أيضاً أمناء لدعوتهم المسيحية أينما كانوا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.

نعم، نحن جميعنا سائرون في هذا المشوار نحو كمال السعادة في الملكوت السماوي، فنطلب منه تعالى أن يحمي كنائسنا ومعابدنا وأديارنا وأولادنا وأبناءنا وبناتنا الشبّان والشابّات وأطفالنا، حتّى نبقى دوماً الشعب الذي يمجّد الله ليتقبّله الله في مجده الأبدي، بشفاعة أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء الأمّ الطاهرة، والقديسين الشهيدين مار بهنام وأخته سارة ورفاقهما الشهداء الأربعين، ومار متّى الناسك، وجميع القديسين والشهداء، آمين".